اتساع الرفض الدولي للمشاركة في قوة الاستقرار الدولية.. يكشف نوايا "إسرائيل" الخبيثة

اتساع الرفض الدولي للمشاركة في قوة الاستقرار الدولية.. يكشف نوايا
تقارير وحوارات

غزة/ سماح المبحوح:
يكشف رفض العديد من الدول الغربية والإسلامية رفضها في قوة الاستقرار الدولية التي تنوي الولايات المتحدة تشكيلها للانتشار في قطاع غزة وفق خطة ترامب واتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ في 10/أكتوبر 2025 ، النوايا الحقيقية من رغبة "إسرائيل" فرض املاءاتها على تلك القوات المشاركة في نزع سلاح حركة حماس والدخول في مواجهة مباشرة معها .
اتفق محللون في الشأن السياسي الفلسطيني أن غالبية الدول التي أبدت استعدادها للمشاركة في قوة الاستقرار الدولية التي ستنتشر في قطاع غزة، اشترطت عدم استخدامها من قبل "إسرائيل" والولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة الفصائل الفلسطينية، ونزع سلاحها، وأن مهماتها هي الفصل بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي التي من المفترض أن تنسحب على حدود القطاع.
توقع محللون في أحاديث منفصلة مع "الاستقلال" أن نجاح الإدارة الأمريكية في تشكيل القوة مرهون بقدرتها على اظهار الصرامة والحزم الضروريتين في مواجهة المحاولات الاسرائيلية التعسفية في إعطاء مفهوم احادي لاتفاق وفق إطلاق النار.
تحدّثت تقارير عبرية عن تفاصيل حول الاجتماع الذي عقد في الدوحة أول أمس الثلاثاء؛ لمناقشة القوة الدولية في قطاع غزة، مشيرةً إلى أن بعض الدول لم تشارك في الاجتماع فيما وضعت دول أخرى شروطاً من أجل المشاركة بالقوة
وأكدت وسائل إعلام عبرية أن إندونيسيا وإيطاليا على استعداد لإرسال جنود إلى القوة متعددة الجنسيات المزمع نشرها في قطاع غزة، شريطة أن تبقى هذه القوة على الجانب الإسرائيلي من القطاع، شرق الخط الأصفر، وألا يكون لها أي اتصال او مواجه مع "حماس".
كما أفادت وسائل الإعلام أن أذربيجان لا تنوي المشاركة في القوة الدولية، وقاطعت المؤتمر، رغم أنها اعتُبرت مرشحة "مريحة جداً" للمشاركة في القوة الدولية، بسبب علاقاتها الجيدة مع تركيا و"إسرائيل"، تعني أنها تفضّل عدم إدخال نفسها في المأزق المعقّد لقطاع غزة.
ونقلت الوسائل أن أذربيجان ليست الدولة الوحيدة التي دُعيت إلى المؤتمر لكنها لم تشارك فيه، بل إن نحو 15 دولة دُعيت إلى الدوحة لكنها لم ترسل ممثلين، بينها دولتان من آسيا الوسطى، هما تركمانستان وطاجيكستان، وعدة دول أوروبية مثل بلجيكا، ورومانيا، وإستونيا، وكذلك دول من شرق آسيا بينها كوريا الجنوبية ونيبال.
أما تركيا، التي أعلنت مراراً رغبتها في المشاركة في قوة الاستقرار، فلم تُدعَ إلى المؤتمر إطلاقاً، ووفقاً لتقديرات مصادر دبلوماسية، فإن الأمر مرتبط بالمعارضة الإسرائيلية القاطعة لاحتمال مشاركة تركيا في قوة الاستقرار.
وحسب مصادر إعلام دولية، فإنه حتى الآن، توجهت الولايات المتحدة إلى 17 دولة لكي ترسل جنودًا إلى القوة متعددة الجنسيات، حيث تتلقى هذه الدول تحديثات حول القرارات المتعلقة بأنشطة القوة التي تصدر، والرغبة في الإدارة الأمريكية هي الحصول على إجابة بـ "نعم" أو "لا" من تلك الدول خلال الأيام القريبة المقبلة، بهدف أن يبدأ نحو 10,000 جندي بالانتشار في غزة ابتداءً من العام المقبل.
مسألة وقت
الكاتب والمحلل السياسي د. هاني العقاد أكد أن معظم الدول التي أبدت استعدادها للمشاركة في قوة الاستقرار الدولي التي ستنتشر في قطاع غزة، اشترطت عدم استخدامها من قبل "إسرائيل" والولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة الفصائل الفلسطينية، ونزع سلاحها.
ورأى العقاد في حديثه لـ"الاستقلال" أن قضية تشكيل قوة الاستقرار الدولي تتعثر لأن "إسرائيل" تلمح كثيرا أن القوة سيلقى على عاتقها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية وهو ما لا توافق عليه الدول التي ستشارك، لأن من مهماتها هي الفصل بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي التي من المفترض أن تنسحب على الحدود.
وقال:" اعتقد ليست من مهمة قوة الاستقرار الدولية نزع سلاح الفصائل، لذلك بدأت الولايات المتحدة تستوعب الأمر، وصرحت أن نزع سلاح الفصائل يمكن أن يأتي بالتدريج وعلى المدى الطويل، لذلك اسرائيل تعطل كثيرا تنفيذ بنود المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وانهاء الحرب على قطاع غزة".
وأشار إلى أن أذربيجان كانت على استعداد أن ترسل 2000 جندي لقطاع غزة للمشاركة في قوة الاستقرار، لكن في نهاية الأمر حسمت قرارها بعدم المشاركة، لأنها لا تريد تنفيذ اشتراطات "إسرائيل" في مهام القوة الدولية التي ستعمل في القطاع.
وفي هذا السياق، أفادت صحيفة "هآرتس" العبرية، أن أذربيجان لا تنوي المشاركة في القوة الدولية، ولا تعتزم الانضمام إلى اتفاقات أبراهام (اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل) في المستقبل المنظور، وذلك على الرغم من تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة "ناقشت بشكل فعّال ضمّها، وعلى خلاف كازاخستان، التي انضمت إلى الاتفاقات بعد سنوات طويلة من العلاقات الدبلوماسية مع "إسرائيل"، لا ترى أذربيجان حاجة إلى الانضمام إليها لأغراض ترويجية فقط.
ولفت إلى أن قوة الاستقرار الدولية لا تريد أن تنتشر داخل مدن قطاع غزة، إنما تريد أن يكون لها مواقع على طول الحدود مع القطاع من رفح جنوبا حتى مدينة بيت حانون شمالا.
وأوضح أن الولايات المتحدة تحاول عبر وزارة خارجيتها ارسال عدة رسائل لإقناع دول للمشاركة في قوة الاستقرار، مستدركا:" لكن في النهاية حتى لو وجد عدد محدود من الدول أي قرابة الخمس الدول التي تبدي استعدادها للمشاركة في قوة الاستقرار سيكون هناك قوة استقرار دولي تنتشر حسب المعايير وحسب المعطيات وبنود الاتفاق التي تنص أن القوة تنشتر خارج الخط الأصفر قرب الحدود مع القطاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
وبين أن الولايات المتحدة كانت تأمل أن تكون مشاركة واسعة في المؤتمر الذي عقد أول أمس الثلاثاء في الدوحة لبحث قضية قوة الاستقرار، لكن تقلص العدد لـ 24 دولة، وبالتالي لم يكن المؤتمر حاسماً أو مثمراً مقارنة بتوقعات الإدارة الأمريكية.
وتعقيبا على ما سبق قال:" إسرائيل يرضيها ألا يشارك العديد من الدول وألا تتشكل القوة وألا تنتشر لأنها ترى أن الاتفاق هو مرحلة واحدة وهو بقاء الوضع الحالي كما هو، وليس أكثر، كما ترى أن غزة يجب أن تتقسم لقسمين، قسم داخل الخط الأصفر وقسم خارجه، ولكن إذا نفذت المرحلة الثانية ستفشل وتحبط كل مخططات إسرائيل لتقسيم قطاع غزة لقسمين".
وبشأن الانتقال للمرحلة الثانية، رأى أنها مسألة وقت، قائلا:" وافقت إسرائيل أم لم توافق للانتقال للمرحلة الثانية باتت مسألة وقت، لأن الإدارة الأمريكية غاضبة من إسرائيل كثيرا وغاضبة من سياسة نتنياهو بشأن إدارة قطاع غزة، لأنه يحاول إفشال الاتفاق من خلال تنفيذ عمليات اغتيال لقيادات فلسطينية داخل المناطق غرب الخط الأصفر، بحجة أنهم مطلوبون لها".
وأكد على ممارسة الولايات المتحدة ضغوط على "إسرائيل" في الوقت الراهن تصل إلى مستوى مرتفع، وقبل زيارة نتنياهو المرتقبة إلى البيت الأبيض بعد نحو أسبوعين ولقائه ترامب الذي يصر على بدأ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار مع بداية العام المقبل.
موقف موحد
بدوره، اتفق الكاتب والصحفي الفلسطيني د. نهاد أبو غوش أن قضية عدم مشاركة دول في قوة الاستقرار وانسحاب أخرى، يأتي في سياق رفضها التورط في قضية نزع سلاح الفصائل الفلسطينية وتنفيذ الإملاءات الإسرائيلية، وهو موقف تبنته عدد كبير من الدول العربية والإسلامية، أبرزها مصر والإمارات وتركيا وقطر، وهو الموقف ذاته الذي جعل دول أخرى كانت مستعدة للمشاركة في القوة مثل أندونيسيا وأذربيجان ولكن انسحبت لذات السبب.
وقال أبو غوش لـ "الاستقلال" إنه:" بعد المواقف الأخيرة المعلنة من قبل وزراء الخارجية القطري والتركي والمصري وولي العهد السعودي، بأن قوة الاستقرار مهمتها ووظيفتها الأساسية حفظ السلام والفصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وليست تنفيذ أهداف إسرائيل في الحرب التي خاضتها ضد قطاع غزة مدة عامين"، مشيرا إلى أن " إسرائيل" تريد من القوة أن تشارك في إنفاد القرار أي سحب سلاح الشعب الفلسطيني والمقاومة بشكل عام.
ولفت إلى أن 18 بند في خطة ترامب تتجاهلها "إسرائيل" وتحاول تصورها على أنها خطة وضعت لمجرد سحب سلاح حماس واستعادة أسراها من قطاع غزة، لكن التأكيدات والمواقف العربية والإسلامية تصب بشكل إيجابي بما يخدم الشعب الفلسطيني، وهو إنهاء الحرب، وهو ما لا تريده "إسرائيل" وهي تحاول أن تصوغ الاتفاق حسب مصالحها.
وأكد أنها كلما كان الموقف الفلسطيني متماسك أكثر وموحدا كلما ساهم في تماسك الموقف العربي والإسلامي، والتمسك بأن وظيفة القوة هي حفظ السلام وليس نزع السلاح، وبالتالي التورط في معارك لا أحد يؤيدها مع أي طرف فلسطيني.
وتوقع نجاح الإدارة الأمريكية في تشكيل القوة إذا استطاعت اظهار الصرامة والحزم الضروريتين في مواجهة المحاولات الاسرائيلية التعسفية في إعطاء مفهوم احادي للاتفاق، أما اذا ارادت الولايات المتحدة مجاملة إسرائيل وأن تتغاضي عن انتهاكاتها وخروقاتها ورؤيتها الأحادية واستثناء تركيا وقطر ، هذا سيفشل الاتفاق ويجعل الامر تكون ضبابية".
وأشار إلى أن خطر "إسرائيل" بات يقلق الأطراف العربية جميعا ويهدد مصالح الولايات المتحدة في المنطقة التي تريد فرض هيمنتها وسيطرتها على المنطقة وتستأنف السلام الابراهيمي

التعليقات : 0

إضافة تعليق